بملامح قرار غير مسبوق، دفع البنك المركزي العراقي الساحة المالية إلى حالة من الجدل بعد أن وضع مشاهير مواقع التواصل تحت مجهر المصارف، مصنفاً إياهم ضمن دائرة العملاء مرتفعي المخاطر. خطوة فاجأت كثيرين، لكنها بدت للبنك ضرورية في ظل تنامي التأثير الاقتصادي للمحتوى الرقمي واتساع مصادر الدخل غير التقليدية لهؤلاء المؤثرين.
التعميم الذي وصل إلى البنوك حمل لهجة واضحة: على المصارف التعامل مع المشاهير باعتبارهم فئة تحتاج إلى تدقيق مضاعف، مع التأكد من أن مصادر أموالهم ـ من عقود الإعلانات إلى حملات التسويق ـ معلنة وموثقة بكشوف مالية رسمية. لم يقف البنك عند ذلك، بل ألزم كل مؤثر يفتح حساباً مصرفياً بأن يرفق رابط حساباته على مواقع التواصل وصورة حديثة تُظهر عدد متابعيه، ليثبت أن الهوية الرقمية تتطابق مع الهوية المصرفية، فيما يُترك للتحويلات المالية أن تخضع للمراقبة الدقيقة.
خلفية القرار تحمل هواجس واضحة. فالسوق الرقمية التي فتحت باب الشهرة والربح السريع، صنعت أيضاً مساحة رمادية تسمح بتسلل شبهات غسل الأموال وتمويل الأنشطة غير القانونية، وهو ما ألمح إليه المركزي عندما أشار إلى أن بعض الحسابات ربما ترتبط بأنشطة مشبوهة أو غير موثقة. ومن هنا جاء التصنيف الجديد، المشابه لما تفعله المصارف عالمياً حين تتعامل مع قطاعات حساسة مثل الكازينوهات والعملات الرقمية وتجارة المعادن الثمينة.
وفي العادة، يحدث أن يقترب أي عميل من خانة “الخطورة” عندما تتضخم التحويلات بلا تفسير مقنع، أو عندما يبدو دخله غير متناسب مع نشاطه المُعلن. ومع توسع اقتصاد المؤثرين، الذي يحمل أرباحاً غير منتظمة ومنصات مختلفة وعقوداً متنوعة، رأى البنك أن هذه الفئة تستحق تشديداً خاصاً.
وبين انتقادات اعتبرت القرار تضييقاً على أصحاب المحتوى، وأصوات رأت فيه خطوة تنظيمية تأخرت كثيراً، تبقى الحقيقة أن العالم الرقمي أصبح لاعباً مالياً كاملاً، وأن القوانين تحاول اللحاق بإيقاعه المتسارع، حتى لو تطلب الأمر وضع نجوم السوشيال ميديا تحت ضوء لم يعتادوه من قبل: ضوء الرقابة المصرفية.
ظهرت المقالة العراق تصنف مشاهير السوشيال ميديا بالخطيرين أولاً على أحداث العرب.