يُعتبر الكولاجين واحدًا من أهم البروتينات التي تشكل الدعامة الأساسية للبشرة، فهو المسؤول عن امتلائها ونعومتها ومرونتها، ويمنحها ذلك المظهر النضر الذي يميز سنوات الشباب الأولى. غير أنّ ما قد لا يعرفه الكثيرون هو أنّ الجسم يبدأ تدريجيًا في تقليل إنتاج هذا البروتين الحيوي بعد سن الخامسة والعشرين، لتظهر مع مرور الوقت الخطوط الدقيقة وتفقد البشرة تماسكها شيئًا فشيئًا. ومع أن مستحضرات التجميل من كريمات وأمصال قد توفر دعماً خارجياً، إلا أن التغيير الجوهري في مستويات الكولاجين لا يتحقق إلا من الداخل، أي عبر الغذاء ونمط الحياة.
المبشّر في الأمر أن معززات الكولاجين ليست بعيدة المنال، بل تتواجد في معظم المطابخ العربية والعالمية، لتؤكد أن سر الحفاظ على شباب البشرة قد يكون في مكونات غذائية بسيطة لكنها غنية. فالحمضيات، مثل البرتقال والليمون والغريب فروت، تُعد المصدر الأول لهذه المعززات، إذ إن فيتامين C الذي تحتويه يُعد أساسياً لإنتاج الكولاجين، حيث يساعد الجسم على تحويل الأحماض الأمينية إلى ألياف متينة تحافظ على شباب البشرة. هذا الفيتامين يعمل كذلك كمضاد أكسدة قوي يحارب الجذور الحرة الناجمة عن التلوث والإجهاد وأشعة الشمس.
وإلى جانب الفواكه، يظهر مرق العظام كسرّ قديم تجدد الاهتمام به في السنوات الأخيرة، فهو غني بالكولاجين الطبيعي والجيلاتين والأحماض الأمينية، ويوصف بأنه “جرعة مباشرة” من الشباب في كوب. من يحرصون على تناوله بانتظام يتحدثون عن بشرة أنعم وشعر أكثر لمعاناً وأظافر قوية، فضلاً عن أثره المهدئ للأمعاء التي ترتبط صحتها بشكل وثيق بجمال البشرة.
أما التوت بألوانه المختلفة، فيُشكّل خط دفاع آخر ضد تراجع الكولاجين. فهو غني بفيتامين C وبمضادات أكسدة مثل حمض الإلاجيك، ما يجعله حامياً قوياً للبروتين الطبيعي من التلف، وفي الوقت نفسه محفزاً لإنتاج المزيد منه. ويُضاف إلى ذلك ميزة مهمة هي انخفاض نسبة السكر فيه، مما يجنّب البشرة أضرار عملية “الغليكوزيل” التي يُسببها السكر وتؤدي إلى تصلب الجلد وتسريع شيخوخته.
المكسرات والبذور كذلك تُقدم دعماً لا غنى عنه، فالجوز واللوز وبذور الشيا والكتان ودوار الشمس تزود الجسم بفيتامين E والزنك والدهون الصحية. فيتامين E يعمل بتناغم مع فيتامين C على إعادة بناء الكولاجين وإصلاحه، بينما تحافظ الأحماض الدهنية أوميغا-3 على ترطيب البشرة ونضارتها، وتُقلل من الالتهابات التي تسرّع من مظاهر التقدم في العمر.
ولا يمكن إغفال الخضراوات الورقية التي تُعتبر صيدلية خضراء للكولاجين. السبانخ والجرجير والملفوف والخس تحتوي على كميات كبيرة من فيتامين C والكلوروفيل، وهو المركب النباتي الذي يمنحها لونها الأخضر ويُعتقد أنه يحفز إنتاج سلائف الكولاجين في الجلد. إضافة إلى ذلك، فهي مرطبة وغنية بمضادات الأكسدة، ما يجعلها خط حماية أساسياً ضد أضرار أشعة الشمس وبهتان البشرة.
هكذا يتضح أن الحفاظ على شباب البشرة ومرونتها لا يحتاج بالضرورة إلى حلول باهظة الثمن أو تدخلات تجميلية، بل يبدأ من داخل المطبخ عبر اختيار غذاء متوازن يزود الجسم بما يحتاجه من فيتامينات ومعادن وأحماض أمينية. فالكولاجين ليس مجرد كلمة رنانة في عالم الجمال، بل هو سر حقيقي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بما نأكله ونشربه كل يوم.
ظهرت المقالة الكولاجين.. سر الشباب الأبدي في الغذاء اليومي أولاً على أحداث العرب.