سميرة توفيق، الصوت البدوي العذب الذي التصق في ذاكرة الجماهير العربية لعقود طويلة، لم تكن مجرد مطربة تؤدي أغاني شعبية، بل تحولت إلى أيقونة فنية صنعت لنفسها لونًا خاصًا ظل حاضرًا حتى اليوم. بدأت الحكاية في طفولتها، حين لفتت أنظار عائلتها بقدرتها على الغناء وهي في السابعة من عمرها، لتخطو بعد سنوات قليلة نحو المسارح الصغيرة في بيروت، حيث كانت تصدح بصوتها الجبلي وتغني لكبار مطربات تلك الحقبة مثل ليلى مراد وسعاد محمد. لم تكن العائلة بعيدة عن هذه الرحلة، بل رافقتها في تنقلاتها، حتى عُرفت لاحقًا بلقب “المطربة صاحبة الأسطول السادس”، في إشارة إلى حضورها القوي وسفرها الدائم بين العواصم العربية.
وعلى الرغم من أن شهرتها الحقيقية انطلقت من إذاعة الأردن الرسمية بعد أن غنت رائعة الشاعر جميل العاصي “بين الدوالي”، فإن بصمتها انتشرت في لبنان وسوريا والأردن والخليج بسرعة لافتة. ساعدها على ذلك تميزها بلهجة بدوية أصيلة أكسبتها مكانة مختلفة عن غيرها من الفنانات، فجعلت من أغنيات مثل “حسنك يا زين” و”أسمر خفيف الروح” علامات لا تُنسى في الذاكرة الغنائية العربية.
أما عن خلفيتها العائلية، فقد ولدت سميرة توفيق في قرية أم حارتين بمحافظة السويداء السورية لعائلة أرمنية مسيحية، وهو ما يجعلها تنتمي إلى بيئة ثقافية ودينية متعددة الجذور. وقد انعكس هذا التنوع على شخصيتها الفنية، حيث جمعت بين العمق الشرقي والانفتاح على ألوان موسيقية مختلفة، فكانت ابنة بيئتها البدوية وفي الوقت نفسه ابنة مدرسة فنية عابرة للحدود.
وعلى امتداد مسيرتها التي بدأت في أربعينيات القرن الماضي، لم تقتصر تجربتها على الغناء فقط، بل شاركت أيضًا في أعمال درامية وسينمائية إلى جانب كبار الممثلين والمطربين. ورغم النجاحات، تعرضت في حياتها لمطبات قاسية، منها إصابة خطيرة في فيلم “بدوية في باريس” عام 1965 كادت أن تُنهي مشوارها الفني لولا إصرارها على العودة.
اليوم، وبعد أن ابتعدت منذ سنوات عن الأضواء واختارت العيش بهدوء في السويد إلى جانب زوجها، ما زالت سميرة توفيق تُذكر كفنانة البادية الأولى، وصاحبة اللون الغنائي الذي لم تستطع أي مطربة أخرى أن تنافسها فيه، لتبقى صورتها مرتبطة بتراث أصيل وصوت لم يعرف الانطفاء.
ظهرت المقالة ما هي ديانة سميرة توفيق – ويكيبيديا أولاً على أحداث العرب.
