site stats ثورة في الادخار: البنوك المصرية تطلق “صواريخ” العوائد التراكمية لمواجهة تراجع الفائدة – Posopolis

ثورة في الادخار: البنوك المصرية تطلق “صواريخ” العوائد التراكمية لمواجهة تراجع الفائدة

دفعت موجة الخفض المتتالية لأسعار الفائدة على الجنيه البنوك المصرية إلى سباق مفتوح لإعادة ترتيب أدواتها الادخارية، في محاولة للإبقاء على جاذبية الادخار لدى الأفراد، بعد أن تراجع العائد على أبرز الشهادات ثلاثية الأجل بنحو لافت خلال الأشهر الماضية. ومع هبوط الفائدة بين 5 و7% على مراحل، باتت الشهادات التي لطالما اجتذبت المدخرين تدور اليوم في نطاق عائد يتراوح بين 16 و18%، بينما اختفى من المشهد ما كان يُعرف بشهادات العائد الاستثنائي التي قدمها البنكان الحكوميان الأهلي ومصر، قبل أن يتم إيقافها في أبريل الماضي.

هذا التراجع دفع كثيراً من البنوك إلى هندسة منتجات جديدة تعوض العملاء عن الفائدة المنخفضة من خلال تنويع دوريات الصرف وإعادة النظر في آجال الشهادات. فبنوك خاصة اتجهت إلى طرح شهادات بعوائد مدفوعة مقدماً تُصرف كاملة لحظة الشراء، فيما فضلت بنوك أخرى الاعتماد على العائد التراكمي الذي يتضاعف بنهاية فترة الاستثمار، بينما اختار القطاع العام أن يطرح شهادات متوسطة الأجل بعائد سنوي مرتفع نسبياً مقارنة بالعوائد الشهرية والربع سنوية.

مصادر مصرفية أكدت أن سياسات التيسير النقدي التي طبقها البنك المركزي—بواقع 625 نقطة أساس جرى توزيعها على أربع مرات منذ أبريل وحتى أكتوبر—فرضت على البنوك إعادة صياغة برامج الادخار من جديد، بما يشمل تعديل المدة أو تنويع دوريات الصرف بين يومية ومدفوعة مقدماً وتراكمية. وأشارت إلى أن البنوك تتحرك في مساحة دقيقة تجمع بين الحاجة إلى تدعيم السيولة من جهة، والحفاظ على تكلفة أموال منخفضة تتوافق مع تسعير السوق من جهة أخرى، وهو ما يدفع إدارات الأصول والخصوم إلى مراجعة مستمرة للمنتجات.

وفي خضم هذا الحراك، برزت شهادات العائد المدفوع مقدماً كأحد أكثر المنتجات جذباً. فبنك الإمارات دبي الوطني طرح شهادة ثلاثية تمنح عائداً يبلغ 37.5% قبل حتى بدء الاستثمار، مقابل حد أدنى مئة ألف جنيه. وعلى النهج ذاته سار البنك التجاري وفا بعائد فوري نسبته 31.5%، بينما قدم البنك العربي الأفريقي شهادة بثلاث سنوات يدفع عائدها مقدماً بنسبة 35%.

أما الشهادات التراكمية فكان لها حضور آخر، خصوصاً مع طرح البنك العربي الأفريقي شهادة رباعية بعائد تراكمي يصل إلى 100% عند نهاية المدة، بما يعادل فائدة مركبة سنوية تقارب 18.9%، إلى جانب منتجات مشابهة من بنوك أخرى تسمح بتجميع العائد مع أصل المدخرات حتى انتهاء أجل الشهادة. وفي المقابل، اختارت البنوك الحكومية نمط العائد المتدرج؛ الأهلي المصري يوزع 23% في السنة الأولى ثم 18.5% في الثانية و14% في الثالثة، فيما يقدم بنك مصر نسباً متدرجة تبدأ من 20.5% وتنتهي عند 13.5%.

محمد عبد العال، عضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي، يرى أن السوق يعيش حالة تنافس واضحة مع الارتفاع المستمر في الطلب على الائتمان، سواء من الشركات غير المصرفية أو من الأفراد. ويؤكد أن لجان “الألكو” تعيد تسعير المنتجات وفق ثلاثة اعتبارات رئيسية: حجم السيولة المطلوب، احتياجات العملاء المتغيرة، وضرورات المنافسة بين البنوك، مشيراً إلى أن جميع المنتجات تلتزم في النهاية بهامش الفائدة المتداول حفاظاً على الربحية واستقرار المخاطر.

ويشرح عبد العال أن البنوك تجد حرية أكبر في تصميم شهادات بأسعار جاذبة، بعدما أعفاها البنك المركزي من سداد الاحتياطي الإلزامي على هذه المدخرات، ما يمنح المؤسسات المالية قدرة أفضل على تكوين سيولة مستقرة. فهذه النسبة، التي تُمثل 18% من الودائع المحلية وتُودع لدى البنك المركزي دون مقابل، تُعد واحدة من الركائز الاحترازية في النظام المصرفي، وإعفاء الشهادات منها يمنح البنوك مساحة أوسع للمناورة في سوق تتغير ملامحها مع كل خفض جديد للفائدة.

ظهرت المقالة ثورة في الادخار: البنوك المصرية تطلق “صواريخ” العوائد التراكمية لمواجهة تراجع الفائدة أولاً على أحداث العرب.

About admin